(1883- 1924) وُلِد الكاتب التشيكي فرانز كافكا في مدينة براج، لعائِلَةٍ يهودية، من الطبقة المتوسِّطة، وبعد دراسته القانون عمل في مجال التأمين؛ الأمر الذي ترك له وقتًا كبيرًا ليستغلَّه في الكتابة. لم تَحظَ مُؤَلَّفات رائد الكابوسية بالشهرة التي تستحقُّها في حياته، ولم ينشر من أعماله إلَّا القليل، مثل "المسخ"، والتي نُشرت في مجلَّةٍ أدبيَّة، ولم تحظَ باهتمامٍ وقتَها، ثم أصبحت بعد ذلك أكثرَ أعماله شُهرةً، وكذلك "المحاكَمَة"، و"القلعة". وقد نشر أعماله بعد وفاته صديقُه المُقرَّب ماكس برود، الذي لم يستجب لطلب كافكا بإبادة كل كتاباته. نَشَرَت له المحروسة مختارات قصصية "في مستعمرة العقاب".
لمَّا اقتَرَبَ المستَكشِفُ نَهَضَ بَعضُهم. وقفوا جَنْبَ الحائط، وعيونُهم شاخِصَةٌ إليه. "أجنبيٌّ" -دارَ الهَمسُ من حَولِ المستكشِفِ- "ويُريدُ أَنْ يَرى القَبرَ". أَزاحوا إحدى المناضِدِ جانِبًا، وبالفِعلِ كان تَحتَها شاهِدُ قَبرٍ. كانَ حَجَرًا عادِيًّا، واطِئًا بِما يَكفي لإخفائِهِ تَحتَ مِنضَدَةٍ. وكانَت عَلَيهِ كِتابَةٌ بِحُروفٍ صَغيرَةٍ جِدًّا، اضطُرَّ المستَكشِفُ إلى النُّزولِ على رُكبَتَيْه لِكَي يِقرَأَها. وكانَ المكتوبُ: "هُنا يَرقُدُ القائِدُ القَديمُ. وأَتباعُهُ -الَّذينَ لا يُباحُ لَهُم الآنَ أَنْ يُفصِحوا عن أَنفُسِهم- قد حَفَروا له هذا القَبرَ، ووَضَعوا عَلَيهِ هَذا الشَّاهِدَ. وتَقولُ النُّبوءَةُ إنَّ القائِدَ بَعدَ عَدَدٍ مُقَدَّرٍ مِنَ السَّنواتِ سَيقومُ من قَبرِهِ، ويَقودُ مِن هذا البَيتِ أَتباعَهُ لِيَستَرِدُّوا المستَعمَرَةَ ويُعيدوها إلى قَبضَتِهم. فآمِنوا وانتَظِروا!". "في مُستَعمَرَةِ العِقابِ" مُتَرجَمَةً عن الألمانِيَّة، مع ثلاثِ قصَصٍ أُخرى لفرانس كافكا، مِن أَهَمِّ الأَعمالِ القَصَصيَّةِ المنشورَةِ في حَياتِه.